الجمعة، 2 يناير 2009

دور التربية في وقاية

الانحراف الفكري والأمن الاجتماعي
تمهيد
لا شك أنه خلال تاريخ المسلمين برزت بين الحين والآخر حركات تحمل الغلو والتطرف والانحراف ذات اليمين وذات اليسار. وفي القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، والتاريخ أدلة واضحة وإشارات جليّة على أن الفكر التكفيري المنحرف وطوائفه على وجه الخصوص ضارب بجذوره في التاريخ الإسلامي، ولا يمكن في المحصّلة النهائية تجاهل تلك الجذور التاريخية، فهو فكر يتلون تحت مسميات عديدة طبقاً للظروف والاوضاع الذي يظهر فيها، وهو في الوقت نفسه يلزم الكمون عندما يُواجه بالحزم والردع. والانحراف الفكري يصيب المبادئ والقيم الإسلامية في مرتكزاتها، ويشوه الإسلام وتشريعاته، ويرفع قادته فوق منازلهم بالتلبيس على العوام، ويصل الأمر مداه حين يقدم الاتباع إلى الغلو في ذوات من اتبعوهم والقدح في العلماء الثقاة.
وعلى الرغم مما يُبذل من جهود على المستوى المحلي والعربي والإسلامي في التصدي للإنحراف الفكري، فإن انتشاره يزداد، ويرجّح أن أهم أسباب اخفاق المجتمعات الإسلامية في هذا الصدد هو تجاهل دور التربية أو الاعراض عن هذا الدور الذي يشكّل المعادلة الصعبة والرقم المهم في حسم المعركة مع هذا الوباء الذي أبتليت به هذه المجتمعات.
إن من الملاحظ أن من الناس من لهم شغف بالأفكار الغربية، والأقوال الخارجة عن الجادة، وملاحقة التربية لمن تستهويهم مثل تلك الأفكار مسؤولية كبيرة في ظل التطورات والمستجدات المتسارعة، وفي ضوء حقيقة كون التربية عملية طويلة تتطلب وقتاً طويلاً. وهذا ما يجعل التربية الحقيقية تركّز على الثوابت والمبادئ والتأهيل التي لها طابع الاستمرار والشمول، وما قد يطرأ من متغيرات وأحداث ومواقف، فقد تتولى الأسرة والمعلم ووسائل الإعلام، والدعاة، وقادة الرأي والفكر والفعاليات المؤثرة في المجتمع التنبيه لها، وبيان أبعادها وخطورتها والتحذير منها على جميع المستويات.
ومن المقطوع بصحته أن الانحراف الفكري يسبب أضراراً دينية، وسياسية، واجتماعية، واقتصادية، وتنموية كما أوضحت ذلك العديد من الدراسات. (الجحني، عسيري، 1426هـ).
وتأسيساً على ذلك، يبرز دور التربية في مجال مواجهة الانحراف الفكري والحد من هذه الظاهرة من خلال منظومة تربوية يُحصَّن بها أبناء المجتمع من الانحراف في هذا التيار كاجراء عملي استباقي وقائي وقديماً قيل: (درهم وقاية خير من قنطار علاج).
أهمية الدراسة :
ترجع أهمية هذه الدراسة إلى عدة أمور منها:
1. إن ظاهرة الانحراف الفكري في العالم العربي والإسلامي أصبحت من الظواهر التي تهدد أمن واستقرار المجتمعات، ومن هذا المنطلق تتضح أهمية بحث الظاهرة ومعالجتها من زاوية التنشئة والتربية الاجتماعية.
2. إن المنحرف فكرياً وسلوكياً هو ضحية ظروف وأوضاع تربوية غير سوية، ومن الوقاية والاهتمام بالدور التربوي إزاء هذه الحالة، وبيان أهميته.
3. من الممكن أن تساعد هذه الدراسة الجهات التربوية والسياسية والأمنية، وتضيف لبنة في برامج الوقاية والعلاج.
أهداف الدراسة :
- التعرف على مخاطر ظاهرة الانحراف الفكري وآثاره بين أفراد المجتمع.
- الوقوف على الدور التربوي والاجتماعي في التصدي لهذه الظاهرة بالأساليب العلمية.
- التعرف على قنوات التأثير في نشر الفكر المنحرف.
- إبراز الأعمال التربوية الوقائية من مخاطر الانحراف الفكري.
منهج الدراسة :
يستخدم هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي النظري القائم على رصد عناصر الظاهرة واخضاعها للتحليل والتفسير.









المبحث الأول
مفهوم ومصطلحات البحث

1- مفهوم الانحراف الفكري :
لقد شاع استعمال مصطلح الانحراف الفكري، والحاجة تبدو ماسة إلى دراسة هذا المصطلح حتى لا يقع التباس في الفهم ناتج عن عدم وضوع معنى المصطلح. ولنبدأ بتعريف ماهية الفكر ثم الانحراف الفكري.
الفكر في اللغة :
يرى أبن فارس في معجم "مقاييس اللغة" أن مادة "فكر" تفيد : تردد القلب في الشيء، يقال: إذا ردّد قلبه معتبراً، ورجل فكير: كثير الفكر.
ويرى صاحب القاموس المحيط أن "الفكر" : هو إعمال النظر في الشيء.
أما صاحب "المصباح المنير" : فإن : "الفكر" عنده تردد القلب بالنظر والتدبر لطلب المعاني. ولي في الأمر فكرُ أي : نظر وروية.
الفكر في الاصطلاح:
يفرق الراغب الأصفهاني بين الفكر والتفكرٌّ، فيقول: الفكر: قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم. والتفكُّر: جولان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان دون الحيوان، ولا يقال إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب، ولهذا روي: "تَفكَّرُوا في آلاء الله ولا تفكروا في الله".والفكر عند ابن القيم: هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة.
وقيل إن الفكر هو : "إعمال العقل في مشكلة من المشكلات من أجل الإحاطة بها وفهمها وطرح الحلول لها" وللفكر علاقة وثيقة بالأنشطة والسلوكيات الإنسانية إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وأن الفكر السوي أسمى نشاط ذهني وإنساني كما أن الانحرافات والنشاطات المضرة بمصالح الناس يكون وراءها فكر معتل ومسموم ومغشوش.
وكلمة فكر وردت في القرآن الكريم مرات عديدة وفي مواقع مختلفة وبصور متعددة {إنه فكر وقدر؛ فقتل كيف قدر} (المدثر, 18-19)، {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون} (البقرة، 164). {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} (سبأ، 46).
الانحراف :
الانحراف في اللغة هو : الميل إلى الحرف أي الطرف، وهو العدول عن الشيء، فالانحراف هو الخروج عن جادة الصواب، والبعد عن الوسط المعتدل, وترك الاتزان (ابن منظور). ويكون الانحراف الفكري باختلال في فكر الإنسان وعقله، والخروج عن الوسطية والاعتدال في فهمه وتصوراته للأمور الدينية والسياسية وغير ذلك.
الانحراف الفكري في الاصطلاح :
"هو ذلك الفكر الذي لا يلتزم بالقواعد الدينية والتقاليد والأعراف والنظم الاجتماعية". (الدخلي,1418، ص24). أي أنه الفكر الشاذ الذي يحيد ويخالف تعاليم الإسلام الحنيف والقيم السمحة.
ولا شك أن انحراف الفكر من أخطر أنواع الانحراف، وله أشكاله المتعددة واخطاره المهددة لأمن واستقرار المجتمع, فالانحراف بمعناه الواسع هو انتهاك للمعايير المتعارف عليها ومحاولة الخروج على قيم وضوابط الجماعة. وما عصابات المنحرفين إلا مثال لتلك الجماعات التي تحاول الخروج على قيم وضوابط الجماعة لتوجد لها قيماً جديدة وضوابط خاصة بها تعمل على نقلها لأفرادها وهو ما يطلق عليه بثقافة الانحراف.
والفكر المنحرف الذي يؤثر على الأمن هو الفكر المتطرف المنحرف الذي يتخذ من الدين ستاراً لنشر هذا الفكر وترويجه مصطدماً بالأنساق الاجتماعية والدينية وكل عناصر الضبط الاجتماعي بداية من الأسرة التي يوليها الإسلام ما تستحقه من اهتمام وينظر إليها على أنها الخلية الأساسية في بناء المجتمع، ولها دور كبير في رعاية الفرد وتشكيل شخصيته من جميع جوانبها، في حين أن الأفكار المنحرفة تسعى إلى تقويض بنيان الأسرة المسلمة بطعنها في صميمها، والقضاء على روابط الأمومة والأبوة لكي تقضي على إنسانية الإنسان، قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} (الإسراء،23). وهذا مما يدل على حرص هذا الدين على الروابط الأسرية أيما حرص.
يتضح مما سبق، ان الانحراف الفكري يؤثر بشكل مباشر على الأمن الوطني في أي دولة، إذ يعمد اصحاب ذلك الفكر إلى ارتكاب جرائم متعددة لفرض فكرهم على المجتمع من خلال استغلال ضعاف النفوس، والأقليات والفرق الضالة كذريعة لزعزعة الأمن والاستقرار وتنفيذ مخططاتهم.
والانحراف الفكري والسلوكي مرتبط بالأسس البنائية والوظيفية والتكاملية التي يقوم عليها التنظيم الاجتماعي للحياة الاجتماعية ذاتها على كل مستوياتها الدينية، السياسية، الاقتصادية، التربوية، الإعلامية والأمنية....، كما يرتبط بالنظام العام (Social order) التوازن الاجتماعي، واستمرارية الوجود الاجتماعي، وعوامل التمسك والتوتر والتفكك. (السمالوطي, 1410، ص407).
لقد اجمع الكثير من الباحثين على أن أهم العوامل المؤدية إلى الانحراف الفكري والتطرف هي:
1. نقص أو التربية الايجابية المعتدلة، وقلة الفقه في الدين، والعجز عن التمييز بين الكليات والجزئيات وبين الفروع والأصول.
2. عدم أخذ العلم الشرعي من أهل العلم الراسخين فيه، وبالتالي أصبحوا لا يقيمون وزناً للعلماء الثقاة.
3. ضعف الولاء لولاة الأمر للجهل بفقه الولاية وضعف الولاء للوطن والمجتمع، وغياب فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4. تعدد الفتاوى الشرعية في الموضوع الواحد إلى درجة قد تصل إلى التناقض.
5. الجهل بفقه النصوص الشرعية بفقه الحاكمية لله، والولاء والبراء، والجهاد، وفقه تواجد الفكار في أوساط المسلمين عامة وفي أرض الجزيرة العربية خاصة.
ومن خلال الرجوع للدراسات التي تناولت موضوع الجهل الشرعي واللغوي لدى المنحرفين الذي يدفع بهم إلى اعتناق الأفكار المتطرفة، تبين أنه ليس بالضرورة أن يكون جهل الحرف أو الأمية وإنما هو جهل من نوع آخر يرجع إلى سوء الفهم الديني أو اللغوي، فمن ذلك الجهل بفقه الولاء والبراء، وفقه التكفير، والجهاد والذي منه الجهل بفقه التترس الذي لا يجوز إلا بأمر ولي الأمر، لا أن يفعله من شاء من الرعية وهذا يٌعد أفتئاب على الحاكم. (الجاسم، 1424، ص70).
2- مظاهر الانحراف الفكري:
مما لا شك فيه أن الانحرافات الكفرية لها أسباب ومظاهر دينية ونفسية وتربوية واجتماعية وسياسية وإعلامية واقتصادية، وبحسب مقتضيات هذا البحث سنبين الأسباب التربوية والأسرية لأهميتها، وتشمل ما يلي: (حريري،1427،ص108)
1- ضعف التربية الصحيحة من خلال الأسرة وتتمثل في :-
أ‌- قلة المتابعة والعناية والاهتمام بأفراد الأسرة من آبائهم وأمهاتهم في المجتمعات العربية والإسلامية.
ب‌- التفكك بين أفراد الأسرة.
ت‌- عدم مراعاة حاجات وخصائص أفراد الأسرة.
ث‌- القصور في الأساليب التربوية والأسرية (التدليل الزائد أو القسوة والتشدد).
ج‌- التغير في بناء وظائف الأسرة.
ح‌- ضعف الحوار والتشاور بين أفراد الأسرة.
2- ضعف التربية من خلال المؤسسات التربوية الأخرى: المدرسة، وتشمل:
أ‌- التركيز على المادة العلمية وإغفال الجانب التربوي.
ب‌- القدوة السيئة من بعض المعلمين.
ت‌- عدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
ث‌- ضعف دور الإرشاد الطلابي.
ج‌- ضعف الأنشطة اللاصفية التي تلبي قدرات واستعدادات ورغبات الطلاب.
ح‌- عدم المساعدة في حل المشكلات الطلابية (النفسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية).
خ‌- التسرُّب والرسوب والفصل.
د‌- القصور في ربط دور البيت بدور المدرسة.
ذ‌- ضعف الحصانة الذاتية.
لا شك ان تأثير وسائل الإعلام على مبادئ وقيم الإنسان العربي واضح لأن تلك الوسائل تحمل في طياتها العديد من المضامين ذات الآثار السلبية في الجوانب العقيدية والاخلاقية، والثقافية، والصحية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية. ومن أبرز تلك الآثار السلبية زعزعة العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وشيوع الرذيلة، وإثارة الغرائز، وعرض السلوكيات المغلوطة في سياق جذاب، والاستخفاف بالقيم، وانخفاض المستوى التعليمي وشيوع الكسل والخمل، والتقليد الأعمى، وزيادة التبعات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. (مطاوع والعمري،1423،ص176).
وفي هذا الإطار فإن الانحراف الفكري، هو أخطر وأشد أنواع الانحرافات، لما يحدثه من تخريب مادي وتوهين للعزائم، وضياع للشخصية، وذوبان للخصائص، وانسلاخ عن مصادر القوة، والمنعة والترابط. (الخطيب,1997). وقد تولت جهات معادية بوسائلها المتعددة إدارة عمليات وأساليب الانحراف والتأثير من خلال وسائل التأثير والاتصال بشكل دائم ودائب بحيث لا يحصره ميدان، أو يقف في وجهه حاجز، ولا غرو أن يسمى هذا العصر بعصر "الصراع الفكري" أو "الفساد الفكري" لانتقال الحروب إلى هذه الدائرة الأكثر أهمية وهي دائرة الأفكار، والتيارات والفلسفات التي وأن تعددت مسمياتها فإنها تستهدف أولاً وأخيراً الإنسان المسلم، ومن خلال العمل على أربعة محاور هي:-
الأول : إقصاء أبناء الأمة عن ثوابتها وقيمها المعتدلة والوسطية، وبذر بذور اليأس والانهزامية والكراهية بين صفوفها.
الثاني: تحويل ولائهم إلى تلك المزاعم الضالة، والأفكار الشريرة.
الثالث: العمل على تفكيك وحدة العرب والمسلمين والطعن في مبادئهم وقيمهم ووحدتهم.
الرابع : تعريض الأمن الفكري والمادي في هذه المجتمعات للخطر من خلال إيجاد عناصر ضالة تْحسَب على الإسلام والمسلمين والإسلام منه براء.
إن الخلل الفكري الذي يجتاح العالم ويجد من يتقبله ويعتنقه، إنما يعزى ذلك إلى ضعف التنشئة، والجري غير العقلاني وراء أهواء الجماهير، والركض خلف الإثارة على حساب الحقائق العلمية، ونتيجة لذلك تلوث الجو الفكري في كثير من الدول كما يتلوث الماء والهواء بما يفسد الصحة، ومن المفارقات غير المفهومة أن ميزانيات ضخمة رُصدت، ومؤسَّسات كاملة قامت ابتغاء حماية الإنسان من تلوث المياه والهواء على حين غابت هذه الجهود عن أن توجه إلى مجال التلوث الفكري لتنقيته وتطهيره (الجحني، 1421).
وغني عن البيان القول، بأن بعض المداخلات المختزنة في أذهان قطاع كبير من المجتمعات العربية والإسلامية هي معلومات لا تحصن ضد الانحراف الفكري لا سيما في ظل الهجمات والحملات المسعورة من خلال: الغزو الفكري، وإشعال نار الفتنة بين المسلمين، ودعم الاستشراق والمستشرقين للطعن في القرآن الكريم، والتشكيك في السنة النبوية المطهرة وفي الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي، والتشكيك في قدرة اللغة العربية. إضافة إلى سياسة التنصير ونشر الأفكار والفلسفات المتناقضة للإسلام.
فالغزو الفكري ـ الذي هو من بين مكوَّنات الانحراف الفكري_ على سبيل المثال (*)، وما يستهدف من السيطرة على الأفكار والاستيلاء على المعقول، أمر لا يمكن التخلص من آثاره إلا من خلال الإيمان والعزم والإرادة. واعتماد استراتيجيات تعتمد على منطلقات واضحة، وأهداف محدودة، وأساليب علمية مدروسة تأخذ بتأصيل الثوابت والقيم وعبر مراحل تنشئة تربوية سليمة لا تغفل معها اليقظة والأمنية حفاظاً على الوحدة الفكرية، والوحدة الاعتقادية، والوحدة السلوكية، والوحدة العاطفية التي هي أهم العناصر في التماسك الاجتماعي والأمن الفكري. هذا ولأهمية الفكر وتأثيره على مجريات نشاطات الدول المختلفة دأب المخلصون على إيلائه عناية كبيرة.
وتأسيساً على ما سبق، فقد أجمع الباحثون المهتمون بدراسة التيارات الفكرية، على أن من أهم أهداف الغزو الفكري وهو من ضروب الانحراف الفكري ما يلي: (حسان، 1410؛ العقاد، 1391؛ محمود،1399)



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) إن "الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة وهو أخطر من الغزو العسكري لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية وسلوك المسارب الخلفية في بادئ الأمر، فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه، وتكره ما يريد منها أن تكرهه. وهو داء عضال يفتك بالأمم ويذهب بشخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمر صعباً وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً" (مجلة المجتمع، ع720).
1- تشويه صورة الإسلام :
وهذا التشويه لا يقتصر على جانب واحد بعينه بل يشمل محاولات لتشويه القرآن الكريم، والسنة النبوية، وشخص الرسول عليه الصلاة والسلام، والتاريخ الإسلامي، ونظام الحياة الإسلامية والتراث الإسلامي.
2- التشكيك في تاريخ العرب والمسلمين :
ولكي تبتر صلة هذه الأمة بتاريخها عمد أعداء الأمة إلى تشويه تاريخ الإسلام والتشكيك في مفاخره بحيث تنمو أجيال لا تعرف منه إلا عصور وفترات الإنحطاط والتخلف.
3 – التشكيك في حاضر العرب والمسلمين :
لا يقتصر الأمر على التشكيك في تاريخ العرب والمسلمين، بل يمتد إلى حاضرهم، فإذا شُكل الشباب الجديد أو بعضهم على كراهية لهذا الحاضر ونفور من تخلفه، فالسلوك لمن لا مناعة له أن يبحث له عن ذريعة أو مخرج، وأن يستطلع نافذة جديدة بحيث يتحول إلى معول هدم لحضارة أمته من حيث يدري أو لا يدري.
4- التشكيك في مستقبل الأمة العربية والإسلامية :
إن غزاة العقول يحاولون التشكيك كذلك في مستقبل الأمة، وتوهين عزائمها، وتحطيم معنوياتها عن طريق التشكيك في مستقبلها حتى يسهل الإجهاز عليها.
5 – تذويب الشخصية العربية والإسلامية :
لا شك أنه بعد التشويه، والتشكيك تأتي مرحلة التذويب بحيث يفقد الشخصية المسلمة هويتها، وتذوب فيما يغاير طبيعتها، وينافر عقيدتها وتذويب شخصية المسلم من الممكن ويتم بعشرات الوسائل مباشرة وغير مباشرة، مادية ومعنوية، وما الحرب النفسية التي تشن على العرب والمسلمين إلا نوع من تذويب شخصية أبنائهم بحيث يغفلوا عن أصالتهم وأنتمائهم لخير أمة أخرجت للناس.
6- إحلال عناصر ثقافية جديدة :
من المعروف أنه بعد التشويه والتشكيك والتذويب لا يبقى غير زراعة ثقافة جديدة منحرفة توجَّه العقول وتشوَّه الضمائر، فلو ضمنت الجهات المعادية أن العرب والمسلمين حملوا مفاهيم غير مفاهيم دينهم، أو فهموا دينهم فهماً خاطئاً وانحرفوا عن جادة الطريق، فذلك هو الانتصار الكبير والفوز المبين لهم. فالبديل الأمثل من وجهة نظرهم أن يظل أبناء هذه الأمة يحملون أسماء إسلامية ويؤدون العبادات كاملة أو منقوصة، أما المعاملات ونظم الحياة وتنظيمات المجتمع فتتحول إلى نظم غربية أو شرقية تحمل قسماتها وتتبنى فلسفتها، وإذا تحقق ذلك فقد تحقق هدفها الاستراتيجي.
أما وسائل التأثير الفكري فمنها : (الميداني، 1400)
· تأليف الكتب في موضوعات متعددة عن الإسلام واتجاهاته، ورسوله صلى الله عليه وسلم وعن القرآن الكريم، وفي هذه الكتب التحريف المتعمد والتزوير للحقائق، والتهريج والمغالطات، ومحاولة تصيد بعض الوقائع التاريخية، وغيرها وإخراجها على غير صورتها الحقيقية والعمل على تعميق هذه المفتريات في عقول الشباب.
· إصدار المجلات الخاصة ببحوثهم حول الإسلام والبلاد الإسلامية والشعوب المسلمة، وتكريس الجهود من أجل النيل من الإسلام والمسلمين، وتحطيم معنوياتهم.
· بعث الوفود الإعلامية والدعائية، والإرساليات التشيرية تحت ستار الأعمال الإنسانية في المستشفيات، والجمعيات والمدارس وإجراء البحوث الميدانية.
· إلقاء المحاضرات، ونشر المقالات في صحفهم، واستمالة رؤساء التحرير عندهم بالمال، وشراء الذمم، والعمل على عقد المؤتمرات والندوات، واصدار الموسوعات التي تحتوي على الأباطيل والمغالطات عن الإسلام والمسلمين.
· استخدام كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وطفرة التقنية المعاصرة لخدمة أهدافهم وأفكارهم.
· استخدام الإغراء المادي، والإغراء الجنسي، والوعد بالجاه والسلطان، ومتاع السمع والبصر، والمأكل والمشرب، والسياحات والرحلات والنزهات والتنقل واللهو، والضغوط والقيود لخدمة أهدافهم الشريرة.
· إثارة الشبهات، ودس الأفكار الفاسدة، واختلاق الأكاذيب والإفتراءات، ومقابلة أحكام الإسلام وأركانه وتشريعاته بالاستهزاء والسخرية والإزدراء، واحتقار العلماء والمفكرين والمصلحين والحط من اعتبارهم في المجتمعات الإسلامية.
· بث النظريات والأفكار والمبادئ الإلحادية المناقضة لأسس الإسلام وتعاليمه، وفي مختلف المجالات الاعتقادية والاخلاقية وفي كل ما يتعلق بأحكام العبادات وأحكام المعاملات.
· التفريغ والتشويه : وتتلخص هذه الخطة في ثلاثة عناصر هي من أخطر ما عرف الإنسان من عوامل هدم لمقومات أمة ذات مجد فكري ونفسي وأخلاقي وتاريخي، وهذه الخطة لا يستخدمها أعداء العرب والمسلمين فحسب، وإنما المتطرفون من العرب والمسلمين الذين يدلوجون الشباب بالفكر المتعصب الظلامي البعيد عن سماحة الإسلام ووسطيته ويخدمون أعداء أمتهم من حيث هم يدرون أو لا يدرون. وهذه العناصر هي:
1. تفريغ أفكار الأجيال الناشئة وقلوبهم ونفوسهم من محتوياتها ذات الجذور العقلية والعاطفية والوجدانية والأخلاقية وانتزاع آثارها.
2. بعد تفريغ الأجيال من المبادئ والقيم، تأتي مرحلة الإملاء والتعبئة لعقولهم وقلوبهم ونفوسهم، بأفكار وآراء جديدة تخدم غايات محددة وتخلخل كيان الأمة وتهز أمنها واستقرارها الفكري والمادي والاقتصادي.
3. تسخير الأفواج الضالة الذين يكون قد تم إعدادهم وتدريبهم ليقوموا بتطويق أمتهم، ومحاربتها على جميع المستويات.
وتأسيساً على ما سبق، فإنه ومهما ذهب إليه بعض العلماء في أقوالهم نحو الفئة القابلة للانحراف، فإن الوقاية هي أفضل وسيلة لا سيما وأن جذور الانحراف عبارة عن ثمرة لعوامل عديدة متنوعة ليس في وسع الأجهزة الأمنية في أي بلد في العالم أن تقوم بكل الأساليب الوقائية بمفردها لذلك فقد أصبح من الضروري جداً أن تعي الشعوب الخليجية والعربية والإسلامية خطورة المشكلة لكي تقوم بدورها في الوقاية منها بالصورة التي تكفل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، فالانحراف الفكري وآثاره الوخيمة تعم جميع أطراف المجتمع وتلحق الضرر بالتنمية والمنجزات والأمن والاستقرار (البداينة،1420). هذه حقيقة ليست بحاجة إلى تأكيد لأنها ماثلة أمام كل إنسان مهما كانت مكانته أو درجة ثقافته، فإذا كان الأمر كذلك، فإنه من الواجب أن يتكاتف الجميع تكاتفاً قوياً ووثيقاً لوقاية المجتمع من الانحراف بشتى صوره.
ولابد من أن نشير في عجالة إلى أن الإسلام قد سبق كل المدارس الوضعية في علم الإجرام وفي علم اجتماع الجريمة والعلوم الأمنية والاقتصادية في التنبيه والاهتمام بفهم العوامل المختلفة التي تسهم في الانحراف الفكري والسلوكي ويمك إيجاز ذلك في الأتي: (السمالوطي، 1410، ص459-461)
ولاً : سبق الإسلام المدرسة (البيولوجية) في التأكيد على أثر العوامل البيولوجية في تحقيق الاستقامة أو الانحراف في السلوك ولعل من أهم ما يؤيد هذا القول،أ رفع الأهلية أو المسؤولية عن المجنون لاختلاله عقلياً، وهو خلل راجع إلى عوامل بيولوجية عضوية. كذلك فقد اعتبرت الشريعة الإسلامية المعتوه ناقس الأهلية، وكذلك الصبي الذي لم يميَّز نتيجة لعدم اكتمال النضج العقلي. يضاف إلى هذا توجيه الرسول عليه الصلاة والسلام للشباب بالزواج المبكر نظراً لما تتسم به مرحلة الشباب من طاقة بيولوجية حيوية ونفسية.
ثانياً : سبق الإسلام المدرسة النفسية في تفسير السلوك الانحرافي في بيان الارتباط بين الصحة النفسية واستقامة السلوك أو إنحرافه، وبيان الركيزة الأولى للصحة النفسية، وهي الايمان بمضمونه الإسلامي، والالتزام بالعقيدة والقيم والسلوك الإسلامي الصحيح. وقد سبق الإسلام هذه المدرسة في التأكيد على أثر العوامل التربوية والنفسية على سواء السلوك وإنحرافه، حيث نبَّه إلى أهمية بناء الأسرة على أسس قويمة من حيث معايير اختيار الزوج والزوجة، وأهمية التكافؤ وأصول التربية الصحيحة للأطفال، وحقوق الأبناء على الآباء، وأهمية القدوة في حباة الأبناء.
ثالثاً : سبق الإسلام المدرسة السوسيولوجية في التأكيد على أثر العوامل الاجتماعية على استقامة أو إنحراف السلوك، فقد أهتم الإسلام بالعوامل التربوية وأهمية الصحبة أو نوعية الجلساء، وعلاقات الجوار، وأهمية التناصح والتعاون والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحماية الشباب من مصاحبة أهل الفساد ومن كل عوامل الفتن والإغراء...الخ.
رابعاً : سبق الإسلام المدرسة الاقتصادية في تفسير السلوك الانحرافي في التأكيد على أثر العوامل الاقتصادية في تشكيل السلوك ولهذا جعل الإسلام الزكاة فريضة وعبادة مالية وركناً أساسياً من أركان الإسلام الخمسة. وأوجب على الإنسان نفقات معينة هي واجبات التكافل الاجتماعي، وحث المؤمنين على الصدقات للمستحقين، وعلى حسن الجوار، وعلى كفالة اليتيم، وعلى البر بالمساكين، كما أوجب على الدولة كفالة الفقراء حتى لا يستبد بهم الفقر المدقع، فينحرفون عقائدياً وسلوكياً.
خامساً : ركز الإسلام على عوامل مهمة أو على مجموعة من الحقائق ليس في حوزة العلم الوضعي من خلال مناهجه الحالية التوصل إليها، منها وسوسة الشيطان، والمس، ووسوسة النفس كعوامل أساسية في دفع الإنسان إلى السلوك المنحرف.
ومع شمول التفسير الإسلامي لكافة العوامل التي تسهم في تحقيق الانحراف بشتى أشكاله ومن ذلك الانحراف الفكري والتي تحدثت عن بعضها المدارس الوضعية، فإن ميزة التفسير الإسلامي أنه لم ينحدر إلى هوة الحتميات أو التطرف أو المغالاة التي وقع فيها بعض أنصار المدارس الوضعية كالحتمية البيولوجية، والحتمية الاقتصادية، والحتمية الجغرافية، والحتمية النفسية (السيكولوجزم)، والحتمية الاجتماعية (السوسيولوجزم). فقد وضع الإسلام كل عامل في مكانه الصحيح يضاف إلى هذا أن الإسلام رسم السبيل إلى تجنب ظهور عوامل الانحراف كالفقر المدقع، وسوء التربية، والبيئة الاجتماعية الفاسدة وشيوع الإغراءات الرخيصة ... مما يشير إلى اهتمام الشريعة الإسلامية بالجوانب الوقائية من الانحراف، جنباً إلى جنب مع الجوانب الإرشادية والتوجيهية والجوانب العلاجية في آن واحد.
وفي ضوء ذلك فإنه يتعين مواجهة كافة الجرائم والانحرافات الفكرية بالتركيز على القضايا التالية : (الجحني،1424)
1. إن الشريعة الإسلامية شريعة سمحة تقر مبدأ التسامح مع غير المسلمين، وهي صالحة لكل زمان ومكان، والتسامح في الشريعة مبدأ طبّقه المسلمون مع غيرهمز
2. اهتمام الإسلام بالمعاهدات والمواثيق الدولية اهتماماً كبيراً وإن هذا الاهتمام يٌعَّد من الدلائل على رفض الشريعة للعنف والإرهاب.
3. يقرر الإسلام حرمة الدم الإنساني قال تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً} (المائدة،32).
4. العمل على إيجاد مجتمع تسوده المحبة وتذوب فيه الفوارق الطبقية وتنعدم فيه مختلف دواعي العنف والتخريب يقول تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيرا ونساء} (النساء،1).
5. تأكيد معاني الرحمة والحب والترابط بين أفراد المجتمع قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الانبياء،107). وكذلك بيان مفهوم المصالح المرسلة، وخطورة الفتوى بغير علم.
6. إن الإسلام ومن خلال أهدافه ومبادئه وقيمه يسعى لتحقيق السلام والأمن والاستقرار، والعدالة الاجتماعية، ومحاربة الفقر والجهل والمرض والبطالة والفساد والاستبداد، بحيث لم يترك الإسلام أي ثغرة ينفذ من خلالها المفسدون في الأرض لتنفيذ أعمالهم، وتحقيق مآربهم. ولذلك جاءت عقوبة جريمة الحرابة بما يتناسب مع هذه الجريمة الخطيرة على أمن المجتمع، وكانت وما تزال الشريعة الإسلامية هي الحل الأمثل للحد من هذه الظاهرة وكافة الظواهر الإجرامية الأخرى، وباختصار فإن الإسلام حارب كل مظاهر العنف والإرهاب والتخريب والغلو.
7. بيان فشل خطط الإرهاب والإرهابيين والتيارات الهدامة والاستفادة من الدراسات التي تتصدى لتلك الفئات الضالة مثل كتب تصحيح المفاهيم والأخطاء في استراتيجية القاعدة وغيرها.
8. بيان أن مسؤولية الآباء والأمهات والعلماء والدعاة ورجال الإعلام والمدرسين وكل الفعاليات في المجتمع كبيرة من حيث الدعوة إلى السماحة والتسامح، والتقوى، والبعد عن المغالاة والتشدد والتعصب والتطرف والحث على العمل النافع والبعد عن الكسل والفراغ. (اليوسف،1427).
9. يتعين أن تأخذ مجابهة الانحراف الفكري والتطرَّف والإرهاب طابع الشمول من خلال استراتيجية تبحث عن الأسباب الحقيقية لهذا الوباء. وهذا لا يعني أن هناك تبريرات للمجرمين وإنما هو مرض خبيث يجب دراسته ومعرفة أسباب انتشاره وطرق علاجه بأسلوب علمي.
10. العمل على مواجهة المشكلات: "تعليمية، واقتصادية، وسياسية، واجتماعية، وأخلاقية ونفسية، وفكرية" بثقة واقتدار ومعنوية عالية.
11. إن واجب العلماء في الفتن والمدلهِمَّات أن يوضحوا الطريق الحق للأمة، خاصة وأن تلك الفئات الضالة تحاول إغواء الشباب وتزين الباطل لهم حتى أنهم يرون الطعن في الأمة وقادتها وعلمائها ديناً حقاً (الدعوة، ع1906، 1424،هـ:18).
12. بيان حقيقة ذلك من أن دخول الفئة الضالة دائرة التطرف والعنف والإرهاب كان في رأي بعض الباحثين هروباً من الصمود أمام المشكلات النفسية والشخصية التي واجهتهم وعجزوا عن حلها، واعتمادهم كلياً على الأسرة، والدولة هي في حل مشكلاتهم، وأه هذا الهروب شكل ظاهرة مرضية في بداية الأمر تمثلت أعراضها في مشاعر القلق، والخوف والتوتر، واليأس، والإحباط والأغترابية.
13. بيان أهمية كشف مواطن اللبس والشبهات لدى الغلاة ولا سيما المتعلقة بالأمور الحساسة مثل البيعة والأنظمة التي يزعمون أنها مخالفة للشرع، والعلاقات الدولية، والمنظمات العالمية والدولية، ومشكلات الإعلام وغير ذلك. (العقل،1425).
وعليه، وبغض النظر عن ما يقال من أفكار مطروحة على الساحة الثقافية إلا أن الشئ المؤكد أن هذا الفكر المنحرف لم يظهر في المجتمعات العربية والإسلامية فجأة، ولم يظهر على حين غرة من أفغانستان.
وهناك قناعات بأن بعض الدول الغربية وإسرائيل هي المصدر الأكبر للعنف والإرهاب الدامي في العالم سواء كانت تدري أو لا تدري، يقول أحد الكٌتاب: "إن الحركات الثلاث الكبرى المؤذية للإنسان في القرن الماضي، بل في التاريخ البشري كله" إنما هي نتاج غربي:
1. الصهيونية حيث تخمَّرت، ونبتت، وتأسَّست.
2. الحركة الشيوعية.
3. الحركة النازية.
وقد ذهب بعض الكٌتَّاب إلى التندر بمقولة التيار الأمريكي المتعصب، فيقول: "هل هتلر عدناني"؟ وستالين قحطاني؟ وموسوليني حفيد لامرئ القيس؟ والألوية الحمراء الإيطالية تخرجت من مكاتب تحفيظ القرآن؟ وهل زعيم الجماعة اليابانية الإرهابية المسماة (الحقيقة المطلقة) وجماعته ينتسبون إلى الأزد؟، وهل كورش من قريش". (الركابي،الشرق الأوسط، العدد 8957، 7/6/2003، 23).
ومن منظور أخر، فإن تلك المنظمات والحركات الإرهابية المتطرفة التي يدعون إنها إسلامية لا يمكن نسبتها بحال من الاحوال إلى الإسلام، وإلا لجاز تسمية المتطرفين من الكاثوليك، والبروتستانت والبوذيين وغيرهم بأديانهم. ومثال ذلك ما حدث في المبنى الإداري في أوكلوهوما عام 1995م الذي تم تفجيره وأسفر عن قتل 168 شخصاً وإصابة المئات من الاشخاص. ومجموعة دافيد كورش الذي زعم أنه المسيح وتحدى الحكومة الأمريكية، ومن ثم حاصرته القوات الأمريكية في مزرعته ومعه أتباعه وذلك في عام 1993م، وعندما رفض التسليم هاجمته القوات الأمريكية واشتعلت النيران في المعسكر فمات دافيد كورش و75 شخصاً من أتباعه بينهم نساء وأطفال. وفي عام 1978 أقدمت جماعة متطرفة أمريكية على الانتحار الجماعي لأكثر من 775 شخصاً أمريكياً ينتمون لطائفة معبد الشمس التي تزعمها جيم جونز، وهي طائفة اعتزلت المجتمع الأمريكي. وهناك جماعة الحقيقة المطلقة (أوم) اليابانية التي وضعت غاز السارين في أنفاق طوكيو وتسببت بمقتل 12 شخصاً وإصابة 5500 شخص وكانوا يخططون لقتل أربعين ألف شخص من مستخدمي مترو الأنفاق وكان ذلك عام 1995م.




المبحث الثاني
الانحراف الفكري والأمن الاجتماعي

تأتي خطورة الانحراف الفكري والسلوكي على الأمن والاستقرار الاجتماعي من حيث كون من يعتنق هذا الفكر الضال يسعى إلى التخريب والتدمير والإرهاب بهدف إجبار أفراد المجتمع على تقبل أطروحاته المنحرفة وتنفيذ مخططاته البعيدة عن الإسلام ومبادئه. مما يتطلب أن تتضافر جميع الجهود الحكومية والأهلية للتصدي لهذه الظاهرة كمدخل إيجابي للوقاية لا سيما وقد تكشفت أثار الفئة الضالة وأعمالهم الإرهابية التي تستهدف الجميع. وفي الوقائع الماثلة أمامنا دلائل حية على الدماء التي سالت من الجميع أطفالاً ونساءً كباراً وصغاراً.
أن الناظر في الجماعات التي خرجت على الساحة العربية والإسلامية على سبيل المثال يجد أن من آثار تلك الانحرافات ما يلي:
· تصفية وقتل كل من خالفهم أو رد عليهم لأن من خالفهم في نظرهم هو كافر قامت عليه الحجة فلم يقتنع بها، وتجرى عليه أحكام المرتد.
· اعتزال أفراد تلك الجماعات للمجتمعات بالكفر في زعمهم.
· قولهم بأن من لم يحكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً مخرجاً عن الملة جملة دون تفصيل فضلاً عن التكفير بالمعاصي والخلود بها في نار جهنم.
· تشويه صورة سماحة الإسلام بين الناس، وتفريق كلمة المسلمين وبث الفوضى والخوف وهم يعتقدون في جميع تصرفاتهم أن هذا من الدين مع أنه جهل بالعلم الشرعي ومقاصده. (صحيفة الرياض، ع 12877، 29/7/1424).
وبطريقة أكثر تفصيلاً فإن من آثار الانحراف الفكري ما يلي: (حويتي،1422)
1. يعد الانحراف الفكري والسلوكي والغلو والإرهاب مخالفاً وخارجاً عن الدين الإسلامي في عقيدته الصحيحة وشريعته السمحة وتعاليمه السامية واخلاقه الفاضلة، بل طعن لمبادئ الأمة وخلخلة لصفوفها, وتشتيت لجهودها وقدراتها، وتشويهٌٌ لصورة الإسلام والمسلمين.
2. يؤدي ذلك إلى الخروج والافتئاب على السلطة، وشق وحدة الصف وإعطاء أهل النوايا السيئة الغطاء للتهديد والابتزاز.
3. الإخلال بأمن الافراد والجماعات، وتعطيل مشاريع التنمية، ومشاريع الاصلاح والتطوير والتأثير في عجلة الإنتاج والنمو.
4. يعد الانحراف الفكري والسلوكي سبباً لانتشار الفتن، وفقدان الأمن، وظهور الفرق والجماعات والمنظمات الإرهابية، والانشقاق وحصول القلاقل.
5. يؤثر الانحراف الفكري والسلوكي في إفساد القيم الاجتماعية والعلاقات الأسرية والاجتماعية ويضعف الروابط الإسلامية على مستوى الأسرة والمجتمع والأمة، فتظهر النزاعات والتوترات والصراعات والفوضى وهي ثمن باهظ التكاليف خاصة عند التركيز على الجرائم الإرهابية، على حساب الجرائم الاخلاقية، والمخدرات والمسكرات والسرقات، والفساد، والجرائم المتنوعة، والتجرأ على الانظمة والاعراف.
6. يؤثر الانحراف الفكري والسلوكي في اقتصاد وتنمية البلاد بما يحدثه من إتلاف للأموال والأنفس، وتهريب الأموال إلى خارج البلاد، وانتشار البطالة، وبما يؤثره فقدان الأمن والاستقرار من ضعف التجارة والاستثمار، والنشاط السياحي والتنموي.
7. يؤثر الانحراف الفكري والسلوكي في تشويه صورة الإسلام وتنفير الناس منه، وإلصاق الأعمال الإرهابية به وهو منها برئ، كما يؤثر في محاربة الدين الإسلامي من اعدائه وإعطائهم فرصة النيل من أبنائه.
8. يؤثر الانحراف الفكري والسلوكي في الوقوف ضد مسار ونجاح الدعوة الإسلامية الصحيحة وانتشارها في جميع انحاء العالم, بمحاربتها ووضع القيود والمعوقات في طريقها في جميع المجتمعات.
9. ظهور البدع والمنكرات، وتعريض سلامة وأمن الدول والأوطان للخطر، والإساءة إلى مكانتها ديناً وأرضاً واقتصاداً وسياسة.
10. زيادة الإنفاق والصرف على أجهزة الأمن في الظروف والأزمات الطارئة وهذا أمر طبيعي للحفاظ على الأمن والاستقرار.
ولا شك أن الدول العربية شهدت بروز بعض الجماعات المنحرفة في الخمسينا والستينات من القرن العشرين، حيث كان تطرف بعض الفئات في كثير من المجتمعات العربية مماثلاً بشكل أو بآخر لما يقوله المتطرفون الجدد ـ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م ـ من حيث الاحتجاج على وسائل الحضارة الحديثة ومصادرة حق الأمة في أن تكون دولة عصرية تتفاعل مع العالم أخذاً وعطاءً وبما لا يتعارض مع ثوابتها. وفي لمحة تاريخية إلى الوراء نجد أنه في 1/1/1400هـ الموافق 21/11/1979م تسللت مجموعة مسلحة من جنسيات مختلفة إلى المسجد الحرام بقيادة جهيمان والاستيلاء عليه، إلا أنه تم القضاء على تلك الفئة، ومحاكمة قائد المجموعة وزملائه شرعاً، وها هو الفكر التكفيري يطل برأسه من جديد حيث كانت مرحلة الحرب الأفغانية، واحتكاك بعض الشباب العربي وخاصة الشباب الخليجي بالجماعات التكفيرية أبان الجهاد ضد غزو الاتحاد السوفيتي السابق لأفغانستان وما تبع ذلك من أحداث لا زالت حتى اليوم وربما لفترات قادمة المحرك الرئيس للفكر التكفيري. وصدق القائل جل وعلا: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً} (الكهف، 103-104).
أما الخصائص الشخصية والنوعية للفئة الضالة التي ارتكبت الاعمال الإرهابية في السعودية فقد أوضحت دراسة قامت بها وزارة الداخلية السعودية على تلك الفئة بأنهم من الشباب صغار السن، وأن مستوى تحصيلهم العلمي ضعيف، وليس لديهم الحصيلة الدينية الكافية ولا المعتقدات الصحيحة ولا الوطنية الصادقة فضلاً عن عدم احترامهم للقوانين الدولية، كما برزت مجموعة من الخصائص الدينية والاجتماعية والفكرية والنفسية التي تشكل عقلية أفراد تلك الفئة وتكوينها الثقافي ومواقفها، ومن تلك الخصائص ما يلي:
1. تنتمي النسبة الكبرى من الموقوفين لفئة الشباب تحت سن الثلاثين.
2. معظم الموقوفين يتراوح تعليمهم بين الابتدائي والمتوسط والثانوي.
3. تدني الحصيلة الشرعية للموقوفين.
4. وجود نسبة ممن سبق أن دخلوا السجون بتهم متفرقة.
5. معظم الموقوفين لم يتلقوا علمهم من كبار المشايخ والعلماء إنما تلقوه عن طريق الاستماع إلى التسجيلات الصوتية والتي وردت من الخارج مما يفسر ضعف الحصيلة الشرعية لديهم.
6. إن تلك الفئة مورس عليها نوع من التأثير الفكري من قبل بعض منظري وقادة الحركات الفكرية التي عملت على تشكيكهم في بعض المسلمات التي كانوا يؤمنون بها.
7. إن أفغانستان في مقدمة البلاد التي سافر إليها الكثير منهم ثم يلي ذلك باكستان، كشمير، الشيشان، البوسنة والفلبين.
8. تعاطف الموقوفين مع القضايا الإسلامية نتيجة الظلم وازدواجية المعايير في القضايا الإسلامية.
أما أساليب الفئات المنحرفة في اصطياد ضحاياهم فمنها ما يلي:
1. اصطياد فئات صغار السن ومحاولة الاستيلاء على عقولهم، وترسيخ المفاهيم الخاطئة في نفوسهم حتى يصلوا إلى الاعتقاد بأن هذا التوجه هو الطريقة الفضلى فيما يعتقدونه من مفاهيم أو ما يتكلمون به، أو ما يتحلون به.
2. تشكيل خلايا وتنظيمات سرية، وإلزام أعضائها بنظام دقيق وصارم قد يصل إلى أن يضحي العضو بممتلكاته المادية، وواجباته الأسرية، بل ويضحي بعمله ونفسه. (بيومي، 1999،ص112).
3. رعاية هذه الفئة وتربيتهم حتى إذا ما تشربوا الأفكار المنحرفة أحاطوهم بهالة من المدح والثناء حتى ينفذوا أعمالاً إرهابية حتى وإن كانوا غير مقتنعين بها.
4. تعليمهم الفكر المنحرف المتطرف والإجابة عن التساؤلات المستجدة وفقاً لذلك الفكر، ومن خلال كتب ورسائل واشرطة زعماء تلك الفئة الضالة.
5. الاهتمام بالشبهات التي يلقَّنها قادة التنظيم لاتباعهم، وتحديد كتب معينة هي بمثابة مراجع يلزمون بها أتباعهم، لتغذية أفكارهم وتحويلها إلى ممارسات وسلوكيات متطرفة وإرهابية.
6. تشجيع الأتباع على الجرأة في الإفتاء مع قلة العلم الشرعي وعدم التثبت في نقل الأخبار وسماعها.
7. تأصيل الاستعلاء بالعبادة والغرور بالنفس، والإعجاب بالرأي والحجر الفكري أو العزلة على الأتباع.
8. التعصب الأعمى للرأي، والجهل الشرعي، واتباع الهوى، وهذه هي عناصر مركب الانحراف والتطرف، والحالقه التي تحلق الدين.
9. سوء الظن والمسارعة إلى اتهام الآخرين بغير بينة (كامل،1996: 21).


قنوات التأثير :
بالرغم من تعدد القنوات التي استخدمها مروجو الفكر المنحرف في المجتمعات العربية والإسلامية إلا أن هناك قنوات رئيسة كان لها إسهام مباشر في نشر هذا الفكر المنحرف المتطرف يمكن إجمالها فيما يلي:
1-التعليم:
أخذت هذه القناة النصيب الأهم من التحليل على مستوى المتخصصين، وذلك لأن الكثير من المحللين للفكر التكفيري مثلاً في المجتمع العربي والإسلامي يرون أن التعليم بمختلف مناشطه كان القناة الرئيسة التي استخدمت لغرس نبتت التكفير في بعض الدول. ويعزو اليوسف (1425هـ) هذا الأمر الى كون التعليم يقوم على ما أسماه التعليم البنكي، فالطالب يحفظ المعلومة حتى يتم استردادها منه وقت الامتحان وبذا فالطالب يعد وعاء لتلقي المعلومة دون أن يكون له دور في فهمها أو تمحيصها،ويرى أن الأفراد الذين يمرون بتجربة التعليم البنكي يكونون أكثر سهولة للانقياد للأفكار وأكثر صرامة في تطبيقها دون التفكير وبالتالي أنهم يمكن أن يكونوا صيداً سهلاً للانحراف فكرياً وعملياً.
وفى هذا الصدد فإن الكثير من الدراسات تؤكد على تحمل المنهج التربوي والتعليمي وبعض الجماعات القائمة على الشأن التعليمي ممن دأبت على تربية بمفاهيم جماعات التيار السياسي الاسلامي حيث مارسوا على أتباعهم مفاهيم الانعزالية عن المجتمعات وشحنهم من خلال الخطب وكاسيتات المحاضرات والأناشيد المليئة بمعاني العدوانية على كل مخالف في الرأي حتى ولو كان مسلما وغرست العنف في نفوس الشباب الغضة وانه الحل الأمثل لكل مشكلات العالم. (عسيري والجحني، ص40،1427)
ويشير احد الكتاب في منتدى المحامين العرب الذي رمز لأسمه باسم (الوسيط، 2004) إلى تنامي ما اسماهم بالتيار المتشدد في بعض المدارس وقد أورد قصة معلم ذكر انه تم فصله من التعليم نتيجة مؤامرة دبرها له زملاؤه معلمو المواد الدينية لا لسبب إلا لأنهم اعتبروه كافراً لأن رسالته للماجستير كانت عن طه حسين،وكان مشرفه أستاذ أكاديمي معروف يرى الكثير من المتشددين الدينيين أنه علمانيا. (عسيري والجحني، ص40،1427)
ويشير كل من باز مول،والزهراني ( 1425هـ) إلى أن المدارس كانت القناة الرئيسة التي تم من خلالها تمرير الفكر المتطرف وممن يرى بأن التعليم كان القناة الرئيسة لنقل الفكر المتطرف ( المطلق ، 1425هـ ) الذي يؤكد أن التعليم كان احد ابرز القنوات التي تم استخدامها لتحقيق هذا الهدف من خلال بعض الأساتذة ممن يحملون هذا الفكر.
كما يشير ميركاسوف ( 1999e, Mirkasymov) إلى أن ابتعاث الطلاب الأوزبك في العهد السوفيتي للجامعات المصرية إلى تأثرهم بجماعة الأخوان المسلمين ويضرب بردوريا Borgadora, 2003) )مثالاً بالمدارس الدينية في إقليم مندناو الفلبينى كنموذج للمدارس الدينية ذات التوجهات السياسية، كما يشير ريدركر (,2000 Redeker ) إلى أن الأطفال الملتحقين بالمدارس الدينية في باكستان ينشأون منذ نعومة أظفارهم على كره الكفار وعلى الرغبة في قتالهم. ويضيف باربرBarber, no date)) أن مواضيع الجهاد والترغيب فيه تشغل حيزاً كبيراً من مناهج المدارس الدينية في مدينة لا هور الباكستانية، وان الطلاب يعدون في تلك المدارس للذهاب للقتال في أفغانستان، أوالشيشان،أو فلسطين أو كشمير فور تخرجهم.
بينما يرى أمير على (2000 Ameer Ali) أن السبب في ذلك يعود إلى التغير في أنظمة التعليم في العالم الإسلامي وتحولها من التعليم التقليدي الديني إلى التعليم الرسمي في مرحلة الاستعمار وما بعدها في الكثير من الشعوب الإسلامية حيث أدى ذلك إلى إيجاد فجوة كبيرة بين النظامين.
وهناك بطبيعة الحال جدل لم يحسم بعد حول من يرى بأن المناهج التعليمية كانت احد القنوات الرئيسة التي غذت الفكر المتطرف في المنطقة،وبين ناف لهذه التهمة. فممن يرى باتهام المناهج التعليمية شاكر النابلسي(2004 )الذي يلوم أنظمة ومناهج التعليم الخليجية واعتبرها المصدر الرئيس لتفريخ الفكر المتطرف.
إلا أن الناهسي (2001) ينفى التهمة عن المناهج التعليمية المحلية ويحصرها في المدرسين حيث يرى أن المناهج التعليمية المحلية وان كانت لا تتضمن الكثير من آيات التسامح الديني في الإسلام،إلا أنها لا تتضمن أيا من أفكار التطرف والإرهاب. حيث يشير إلى أن المواد الدينية ليست بتلك الكثافة في المنهج التعليمي غير الشرعي التي يحاول رسمها الكتاب اليهود والمتعصبين في الصحافة الأمريكية
http://www.shahr2000.com/11september/sep09.htm






2-الانترنت
وتعد قناة رئيسة لنشر الفكر التكفيري وخاصة بعد انتشارها في المجتمعات الإسلامية في السنوات الأخيرة،حيث سهلت نشر وتداول الكتب الممنوعة ذات الاتجاهات الفكرية المنحرفة مثل كتب أبو محمد المقدسي،و سيد قطب،وما تسمى بالمجلات الجهادية مثل: صوت الجهاد، ومنبر التوحيد والجهاد،ومعسكر البتار، وكتاب كيف تصنع المتفجرات،وكتاب تعلم صنع السم القاتل بطريقة سهلة وغيرها من الكتب المحرضة على الإرهاب أو المقالات ،والفتاوى التحريضية التي فيها دعوة للعمليات الانتحارية،والقتل،والتستر على الخلايا الإرهابية. (عسيري والجحني، ص40،1427)
كما ساهمت الانترنت في ظهور عشرات المنتديات الإسلامية الجهادية، والساحات الإسلامية، والسياسية التي أصبحت المرجع الرئيس لهذه الجماعات في استقاء المعلومات ، والفتاوى. كما سهلت عملية الاتصال بين القادة ، والأعضاء دون أن يعرف كل منهم الآخر. ومما تجدر الإشارة إليه أن الانترنت أصبحت قناة رئيسة لاستقاء الفكر المنحرف ليس المقروء فحسب بل المسموع والمرئي فقد أصبحت الانترنت الوسيلة الأسهل لتحميل الأشرطة الجهادية،والأناشيد التحريضية، والأفلام الجهادية على المواقع الخاصة بتلك الجماعات حيث يتم تنزيلها والاستماع إليها، ونشرها من قبل المتلقين والذين غالبا ما يكونوا من الشباب الصغار الذين يأخذون الأمور على ظواهرها دون تمحيص أو تدقيق.
3- الخطاب الديني:
أما القناة الثالثة فتتمثل في الخطاب الديني الذي استغله البعض في التحريض والتعبئة حيث تعددت صوره من خطب، ومواعظ، وندوات، وحلقات، وكتب ونشرات وغيرها. كما تحولت بعض المساجد إلى مسارح للخطابة بعد كل صلاة، فما أن ينتهي الإمام من الصلاة إلا ويمسك بالميكرفون أحد المصلين ممن يعتبر نفسه داعية ويبدأ في إلقاء خطبة جهورية تحريضية، والناس يستمعون. وحيث أن المساجد جميعها مزودة بمكبرات الصوت التي يتم رفعها إلى أعلى درجة للوصول إلى ابعد مدى لها من منازل الحي الذي يقع به المسجد فتصل تلك الخطب إلى النساء في منازلهن. (عسيري والجحني، ص40،1427)
أما خطب الجمعة فإن البعض منها كان لا يعدو عن كونها خطب تحريضية وشتم الكفار، والمبالغة في عرض كرامات المجاهدين في أفغانستان و تنتهي الخطبة بالدعوة لحث المصلين على التبرع لأحدى المؤسسات الخيرية التي يقف مندوبوها بعد الصلاة لجمع التبرعات والتي أتضح فيما بعد أن بعض تلك المؤسسات ممن تحوم حولها الشبهات.
4 ـ الشريط الإسلامي
يمثل ما يسمى بالشريط الإسلامي القناة الرابعة من قنوات نشر الفكر التكفيري المتطرف في العالم الإسلامي وخاصة في مرحلة ما قبل الأنترت، حيث ظهرت المئات من الأشرطة،والأناشيد التحريضية،كما ظهرت مؤسسات خاصة تعنى بمثل تلك النوعيات من الأشرطة إعدادا،وإخراجا، وتوزيعاً. ولا تمثل الأشرطة مصدراً للتأثير الفكري فقط بل أنها تعد أيضا مراجع علمية للفتوى لدى شريحة من الشباب، حيث يعتمدون في استقاء فتواهم ومعلوماتهم الشرعية على تلك الأشرطة وهذا ربما ما يفسر تدنى مستوى فهم النصوص الشرعية لدى غالبيتهم. (عسيري ،الجحني، 1427)
5- حلقات الدرس والتحفيظ
أما حلقات الدرس والتحفيظ فتمثل القناة الخامسة نظراً لتغلغل بعض ذوى التوجهات الفكرية في بعض حلقات الدرس،والتحفيظ في المساجد سواء من العائدين من أفغانستان،أو من المتأثرين بالفكر من الداخل،أو من أصحاب الفكر مما جعل بعض الحلقات مصدراً مهماً لا يمكن تجاهله.
6- العائدون من جبهات القتال
يمثل العائدون من جبهات القتال القناة السادسة من قنوات التأثير الفكري حيث لا يمكن تجاهل دورهم في نشر الفكر التكفيري في العالم العربي والإسلامي،فقد كان لهؤلاء العناصر دوراً بارزاً في استقطاب العديد من الشباب من المحيطين بهم من أقارب، وأصدقاء، وزملاء.وذلك من خلال حديثهم معهم عن بطولاتهم،وكرامات المجاهدين،وغير ذلك من القصص والروايات التي تستهوى الشباب وتستدرجهم .
ومن خلال تحليل الأطروحات السابقة عن مصادر الفكر المتطرف وقنواته يتضح أنها تتمثل فيما يلي : (عسيري ،الجحني،ص23 ،1427)
1- الدور الرئيس لبعض الجماعات خاصة الغلاة منهم في نشر الفكر التكفيري وذلك من خلال تغلغلهم في المؤسسات التعليمية.
2- دور بعض المشائخ المتأثرين بالفكر السياسي الثوري في توطين الفكر،وإصباغه الصبغة القطرية والأممية مما كان له الأثر الأكبر في استقطاب العديد من شباب الدول القطرية وتأثرهم بالفكر من خلال الحلقات،والندوات،والمحاضرات والخطب،والأشرطة الدينية.
3-دور بعض المعلمين المحليين من مواطني العالم العربي والإسلامي المتأثرين بالفكر المتطرف في نشر أفكارهم بين صفوف الطلبة في المدارس،والمعاهد والجامعات.
4- دور العائدين من أفغانستان وغيرها من الجهات ممن تأثروا بالفكر التكفيري في تكوين الخلايا التكفيرية ونشر الفكر المنحرف بين صفوف الشباب .
5- دور الانترنت في تسهيل نشر الفكر وتداوله بين المخططين من القياديين والمتلقين من الجمهور.
6- أجواء الأوضاع الداخلية والخارجية العامة التي تحيط بأفراد تلك الفئة.
7-الأوضاع الدولية والإقليمية التي تؤجج الصراع والحقد.



















المبحث الثالث
الدور التربوي الوقائي من الانحراف الفكري

لا شك أن آثار الانحراف الفكري لا يقتصر على زعزعة الأمن والاستقرار، بل تنعكس على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة والنفسية والاخلاقية والإعلامية، فهو يؤثر على كافة المجالات تأثيراً سلبياً.
لقد استخدمت بعض المجتمعات وسائل تقليدية متنوعة للوقاية من الانحراف الفكري والسلوكي أبرزها القوانين الجزائية، والعقوبات والتدخل الأمني، والقضائي والإصلاح العقابي والبحث الجنائي، ومع أهميتها إلا أنها لم تحل هذه الوسائل دون انتشار ظاهرة الانحراف الفكري والسلوكي وانتٌقدت بأنها اعتمدت على المفعول الرادع للعقوبات، وعلى تدابير ناتجة عن قرارات رسمية وليس عن دراسة الواقع، ولا تشكل سياسة اجتماعية عامة ذات بٌعد أمني شامل. (عمران،1422)
والدور التربوي الوقائي ضد الانحراف الفكري والسلوكي دور يتجسد في خطط وبرامج ومقررات دراسية موجهة نحو الطلاب والطالبات لتنشئتهم وفق سلوك اجتماعي سليم، وتحصينهم بالمبادئ والقيم الدينية والاخلاقية، وتنمية شعورهم بالانتماء والولاء والواجب، وصقل شخصيتهم الإنسانية وتأهيلها وتعويدها على الالتزام بالوسطية والاعتدال والسلوك الاجتماعي المسؤول. وهذا العمل لا يمكن أن ينجح إلا اذا تعاونت على تحقيقه الأسرة والمدرسة وأجهزة وسائل الإعلام، ورعاية الشباب وكافة الجهات الرسمية والأهلية التي تعمل في ميدان البناء التربوي والاجتماعي. وهذا هو صمام الأمان لوقاية المجتمعات من الانحراف الفكري وكافة الجرائم التي تتصاعد نسب معدلاتها عام بعد عام.
إن المعطيات الإحصائية على مستوى الدول العربية تؤكِّد زيادة معدلات الجريمة، وظهور اتجاهات وظواهر جديدة مستحدثة في أنماط الإجرام نتيجة للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتدهور الأوضاع المعيشية في الكثير من تلك الدول. (أبوشامة، 1420؛ البداينة،1997 ، 1998). كما أثبتت الدراسات أن أهم العوامل المقترنة بالجريمة والتي تٌوجد بدورها ظروفاً مواتية لذلك هي: الفقر، والبطالة، وانخفاض المستوى التعليمي، والافتقار إلى السكن المناسب، والخدمات الصحية الكافية، والتحوَّل الحضري السريع، والزيادة في حجم السكان، والحراك الاجتماعي الكثيف، وتفكك الروابط الأسرية...الخ (البداينة 1420)ض، كل ذلك يحتِّم النظر إلى الأمن بمنظار شامل يستوعب كافة الجوانب: التربية والتعليم، والاقتصاد، والسياسة، والقضاء، والإعلام، والإدارة المحلية، والأمن بمفهومه الشامل. ومن المهم أن تتكاتف الأجهزة الرسمية والأهلية، وأن تعمل على الإلتحام بجد وواقعية بمشكلات الشباب وتقديم حلول واقعية وخدمات ملموسة يحسها الإنسان، وتجعله يترقب المزيد منها، بل يبحث عن دور يؤديه من خلال القنوات الشرعية في تدعيم مسيرة الإصلاح والتنمية، لأن من سلبيات ترك الشباب عاطلين يجعلهم صيداً سهلاً لأصحاب النوايا والأهداف الشريرة. (الشمري، عكاظ، 1424هـ، رقم 13487 : 14).
إن علاج الانحراف يكون في نطاقين، أولهما السلوك الذي نتج عنه ضرر، وثانيهما الفكر الذي أدى إلى هذا السلوك. وفي النطاق الأول لابد من تطبيق أحكام الشرع على العابثين المعتدين قال تعالى: {من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً} (النساء،123). وفي النطاق الثاني والحوار وهو ما أكده الرسل في دعوة اقوالهم (الأزهر، 1984: 42).
وفي ضوء التعرف على العوامل المؤثرة في تكوين شخصية المنحرف بسبب عدم استغلال وقت الفراغ بالنافع المفيد، والتفكك الأسري، وعوامل اجتماعية، واقتصادية، وشخصية أخرى، فضلاً عن تساهل مؤسسات التنشئة الاجتماعية وما صاحب التغيرات الاجتماعية من حراك وهجرة، وعن البحث عن الشهرة، والجهل، وتدني مستوى التعليم الأسري، والاخفاق في مواجهة أعباء الحياة، فإنه إزاء ذلك لابد من التركيز في المعالجة على عدة مستويات منها:
الأول : المستوى السياسي:
1. استنكار وإدانة أهل الانحراف الفكري على جميع المستويات والتصدي لهم.
2. دعوة المخطئ إلى الرجوع عن خطئه وبيان الحق بالمناقشة العلمية الهادئة.
3. تجنٌّب الاساليب غير المجدية، فالمصاب بهذا المرض لا يعالج بالتركيز على الوعظ والتخويف، وإنما بالحجج والبراهين والأدلة من الكتاب والسنة.
4. وجوب الأخذ على يد المتورطين في الإخلال بالأمن والاستقرار وتطبيق العقوبات اللازمة بحقهم.
5. التحذير عبر وسائل الإعلام من أهل الانحراف الفكري الذين يريدون خرق سفينة المجتمع وإغراق أهلها بخوضهم في آيات الله وتجرئٌهم على الفٌتيا بغير علم.
6. ضرورة التفريق بين الانحراف الفكري الذي لم يترتب عليه فعل وبين من أخل بفعله بالأمن في مجتمعه.
7. أن يستمر نهج الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي وعلى جميع المستويات وبوتيرة أسرع.
8. تكاتف جميع أفراد المجتمع ضد الانحراف الفكري وكل الجرائم التي تهدد الأمن والاستقرار.
الثاني : المستوى التربوي:
غرس المفاهيم الصحيحة في عقول الناشئة بما تشتمل عليه من حصانة فكرية، ووعي أمني والحفاظ على المكوِّنات والموروثات الثقافية الأصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة والمشبوهة، والإسهام في تهذيب السلوك القيمي. أما تجنب وقوع الطلاب في مهاوي الانحراف الفكري، فيتم من خلال قيام الأسرة والمدرسة بالآتي:
1- التنشئة الأسرية القائمة على:
· التمثل بالقدوة الحسنة من خلال المحاكاة وتقليد النماذج الصالحة وتعميق الولاء والانتماء.
· الالتزام بالقيم والثوابت العقدية والتقاليد المرعية النابعة من التعاليم والقيم الإسلامية النقية.
· اكساب الطلاب تقديرهم لذواتهم الذي ينطلق من تقدير الآخرين لهم.
· تضمين التقدير والاحترام لجميع الطلاب دون محاباة أو تفرقة أو تحيَّز,
· توجيه ميول الطلاب نحو اختيار ما يتناسب مع اتجاهاتهم واستعداداتهم في ضوء خصائص نموهم.
· تقدير آراء الطلاب ووجهات نظرهم دون تسفيه أو مصادرة أو فرض آراء وأفكار المعلمين والمربين بالقوة حول بعض الموضوعات والقضايا التي تهمهم والمجتمع.
· تضمين المناهج الدراسية بعض المعلومات عن الأمن بمفهومه الشامل.
· الحرص على إيجاد المدرس القدوة.
· فتح قنوات الحوار والتداول والتواصل مع الطلاب ومنحهم الفرص ليعبرِّوا عن أنفسهم وافكارهم.
· تبصير الناشئة وتنويرهم بالأخطار المحدقة بهم من حروب وكوارث، واجتياح فكري وثقافي لثوابتهم الأصيلة ومرجعيتهم النقية، والعمل على مساعدتهم على تنمية قدراتهم على اكتساب الحصانة الذاتية.
· مساعدة الطلاب على الانتقاء المهني السليم لتخصصاتهم الدراسية ومستقبلهم المهني والوظيفي، واحترام العمل المهني والحرفي، والتحذير من رفاق السوء.
· تنفيذ المسابقات العلمية والثقافية المختلفة، وإشراك الطلاب في كافة انواع النشاط الثقافي من ندوات ولقاءات ومحاضرات ومسرح وإلقاء.
· تشجيع الطلاب ودفعهم إلى الإطلاع والقراءة وحب العمل بما يسهم في توسيع دائرة ثقافاتهم في مختلف جوانب الحياة.
· غرس حب النظام والتعاون مع رجل الأمن.
· الاهتمام بالمحاور الأساسية في العملية التعليمية وهي: الطالب، الأستاذ، المنهج وبيئة المدرسة. (الخطيب، 1408).
الثالث: المستوى الديني :
تفعيل النسق الديني الوسط المتسامح والمعتدل من خلال:
· تحصين فكر وعقول الشباب من أي انحراف فكري مضلل موجه من وسائل الإعلام المعاصرة، وتحذير الشباب من خطورة الانجراف وراء الجماعات المتطرفة، ويمكن الوصول إلى ذلك من خلال مجموعة من الآليات منها: خطبة الجمعة، الندوات الدينية الموجهة، المحاضرات، البرامج والحوارات المتلفزة، المؤلفات العلمية، الشريط المتوازن الطرح والمنهجية.
· اختيار رجال الدعوة والوعظ والإرشاد من المتعمقين في العلوم الشرعية لكي يصبحوا نماذج يحتذى بها الشباب بدلاً من الانسياق وراء نماذج تحثهم على التطرف والغلو.
· حث الخطباء ورجال الدعوة والوعظ والإرشاد بالتركيز على التوعية الأمنية وتوضيح مخاطر الانحراف والتطرف.
· التأكيد في الخطاب الديني على وسطية الإسلام وإشاعة روح التسامح وقبول الآخر والبعد عن الغلو والتكفير.
الرابع : المستوى الاقتصادي :
من الطروحات المناسبة في هذا الإطار ضرورة تأهيل الشباب حسب متطلبات سوق العمل اليوم ومساعدتهم في الحصول على عمل، حيث يمثل العمل إحدى القضايا الأساسية التي تٌشعر الفرد بقيمته الاجتماعية وانتمائه لوطنه. إن قضية توظيف الشباب لا يمكن اعتبارها قضية اقتصادية فحسب، وإنما هي قضية اجتماعية تتعلق بقضية إدماج الشباب في المجتمع واستيعابهم. (اليوسف،2003).
إن الظروف الراهنة تتطلب من الجميع الإسهام في مسيرة التنمية وأن لا تصبح الدولة هي المسؤولة عن كل القطاعات دون أن يشارك الفرد بتأهيل نفسه.

















الخاتمـــــــــة :
لقد خرجت الدراسة في موضوع من أخطر موضوعات العصر، وأكثرها أهمية ألا وهو (الدور التربوي في وقاية المجتمع من الانحراف الفكري) بجملة من الأمور منها: أهمية رعاية الشباب، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتصدي لكل ما يعكر صفو الأمن الاجتماعي، وهذا ما يتطلب إفساح المجال أمام العلماء والمفكرين والخبراء للقيام بواجب النصح والمشورة والتوعية بمنتهى الشفافية وتبصير أفراد المجتمع بخطورة الانحراف الفكري, ومقارعة الحجة بالحجة وتأصيل القيّم في النفوس عبر مراحل تنشئة تربوية سليمة لا تغفل معها اليقظة الأمنية، ورصد الفئات المنحرفة ونشاطاتها قبل أن تبدأ في بث سمومها إذ "الوقاية خير من العلاج" فالحفاظ على الوحدة الوطنية، والوحدة الفكرية، والوحدة الاعتقادية، والوحدة السلوكية، والوحدة العاطفية، هي أهم عناصر التماسٌك الاجتماعي والأمن الفكري.
ولابد هنا من التأكيد على أن التنوير والتوعية من أهم عناصر الوقاية من الانحراف الفكري، وإنه في الوقت نفسه لابد أن يصاحبها تدابير حازمة لمكافحته، لأن التوعية دون تدابير تشريعية وتنظيمية وإدارية ورقابية لا تكفي بل قد تؤدي إلى التناقض والسخرية.
وجدير بالذكر، إن على وسائل الإعلام أن توضح أهمية السمع والطاعة لولاة الأمر، وخطورة التفرق والاختلاف، وأن تقوم وزارة التربية والتعليم بالإضافة إلى وسائل الإعلام بالتأكيد أن من إيجابيات السمع والطاعة لأولي الأمر، انتظام مصالح المجتمع وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مع التركيز على سد المنافذ والذرائع التي تفضي إلى الانحراف على أن يكثف في هذه المرحلة المجهود الوقائي من خلال الحوارات والمناقشات التي تدحر الأفكار المنحرفة وتعيد المارقين إلى الطريق المستقيم، طريق الوسطية والاعتدال البعيد عن التدمير والقتل وسفك الدماء المعصومة.






أهــــم التوصيـــــــــــــات
وتوصي هذه الدراسة باجراء دراسة حول أسباب التنشئة الاجتماعية وأنماطها وعلاقتها بالانحراف الفكري والسلوكي مع البدء في برامج الوقاية منذ الصغر. وإلا فإن الانحراف الفكري خطر داهم يهدد كيانات المجتمعات العربية والإسلامية. ومن خلال هذه الدراسة، ندق ناقوس إنذار من هذا القاتل الشرس الشرير قبل أن يتمكَّن، على أنه يتعين التركيز على التوصيات الفرعية التالية:
1. التحذير من الخلاف المؤدي إلى الافتراق والبغضاء والتعصب والانحراف الذي يفسد الدين والدنيا معاً.
2. أن يتسم التحصين ضد الانحراف الفكري بطابع الشمول، فإذا كان هذا الانحراف موجَّهاً لجميع جوانب الشباب فلابد أن يكون التحصين شاملاً بحيث لا تترك جبهة يمكن لدعاة الانحراف الفكري والسلوكي أن يتسللوا إليهم من خلالها.
3. انشاء مكاتب إعلامية في بعض الدول الغربية، أو مراكز لتتولى الرد عن المعلومات المضللِّة عن الدول العربية وأن تدير هذه المكاتب شخصيات إعلامية وفكرية بارزة.
4. إعداد سلسلة من الكتب الحديثة والنشرات والمقالات بلغات أجنبية عن الإسلام ونظرته المتسامحة وعن دعوة الإسلام للإنسانية جمعاء على أنه دين العدل والأمن والاستقرار، وذلك بهدف الرد على الدعايات المغرضة التي تظهر الدين الإسلامي بأنه دين تعصب أو تسلط على حقوق الشعوب والأمم الأخرى.
5. العمل على المزيد من تقرب علماء الإسلام ورجال الدعوة والتربية من الشباب، والحديث إليهم والحوار معهم وتبصيرهم بقضايا أمتهم بشفافية.
6. التصالح لا التصادم مع العالم والإسهام في بناء الحضارة الإنسانية بما يتفق مع القيم والأعراف، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والالتزام بالمواثيق الدولية.
7. التأكيد على أن الأمن ومكافحة الجريمة، والمحافظة على الوحدة الوطنية مسئولية الجميع.
8. أن تقوم وسائل الإعلام بالتبصير والتوعية بالعقيدة الإسلامية الصحيحة من خلال العلماء والدعاة مع التركيز على الموضوعات التي تهم الشباب.
9. العمل على تعميق القدوة الصالحة في المجتمع والتحذير من أخطار الانحراف الفكري، والغزو الفكري، والتطرف، والفتن والعناصر الفاسدة. ذلك أن البناء الداخلي المتماسك الركيزة الصلبة في مواجهة الفكر الضال.
10.التركيز على دور المرأة في تربية أبنائها والاهتمام ببناء الأسرة فالنساء شقائق الرجال، وقد أعطاهن الإسلام حقوقهن الملائمة لفطرتهن في المجتمع.
11. تعزيز النوادي الأدبية والثقافية والرياضية والمراكز والجمعيات ومؤسسات المجتمع الأهلي وإعطائها أدواراً تجعلها متضامنة في المسؤولية العامة، وأن تشغل المواقع المناسبة على خريطة التنمية الفكرية والثقافية والسياسية والابداعية مع التأكيد على موازرة المواطن لرجل الأمن.
12. أن تقوم الجهات الدينية بدورها في محاربة الانحراف الفكري والتطرف والإرهاب، مع إعداد الدعاة المستنيرين تربوياً وعلمياً، وتشجيع لغة الاعتدال والتسامح وتنقية الافكار والمفاهيم من الغلو اذا وجدت.
13. دراسة موضوع الفتاوى الشرعية بحيث لا يفتي في الشأن العام إلا من كان أهلاً لذلك، وأن تكون صادرة من الهيئات والمجالس والجهات المختصة، مع أهمية إعادة قراءة أفكار التيارات والتنظيمات المنحرفة، واستخلاص الدروس المستفادة، وبما يقطع دابر الفتنة ويعزز الأمن الفكري في المجتمع.
14. انشاء مراكز البحوث والدراسات المتخصصة ودعمها مالياً وبشرياً وتهيئة كل السبل لنجاحها، وذلك لدراسة الظواهر السلبية المستجدة وخاصة ما يمس الأمن والتنمية.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل،،،

الباحـــث
د. علــي بـن فايــز الجحنــــي
الرياض: المملكة العربية السعودية
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
ص. ب 75205 الرمز البريدي 11578
جوال: 0506749714 هاتف: 4883529

المراجــــــــــــع

المراجع باللغة العربية
إبراهيم،حسين توفيق،أسباب العنف في مصر منذ عام 1952م.
ابن منظور،محمد بن مكرم(د.ت)،لسان العرب،القاهرة:دار المعارف.
أبو زهرة،محمد(د.ت)،الجريمة والعقوبة،القاهرة:دار الفكر العربي.
أبو شامة،عباس(1420)،التعريف بالظواهر الإجرامية المستحدثة، مركز الدراسات والبحوث،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض.
آل علي،محمد بن مهنا(1998)،أصالة الإسلام في مواجهة التحدي الفكري، الرياض:دار المؤيد للنشر والتوزيع.
الباز،راشد(1425)،أزمة الشباب الخليجي واستراتيجيات المواجهة،الرياض، مطبعة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
البداينة، ذياب موسى (1420) واقع وآفاق الجريمة في المجتمع العربي، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
البداينة، ذياب موسى (1997) جرائم الحاسب الدولية، ورقة قدمت في ندوة جرائم الحاسب، كلية التدريب، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
البداينة، ذياب موسى؛ والبشرى، محمد الأمين (1998) انموذج تصوري للمناهج الدراسية في الكليات الأمنية لتلبية الاحتياجات الأمنية في القرن الحادي والعشرين، ورقة مقدمة في الاجتماع التاسع لعمداء الكليات والمعاهد والمدارس الأمنية في الدول العربية 20-22 رجب 1419هـ ، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
البداينة، ذياب موسى (1427) الأنساق الاجتماعية ودورها في مقاومة الإرهاب والتطرف، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
البشر،خالد بن سعود(1425)،بحث((الأمن مسؤولية الجميع)) ندوة المجتمع والأمن الثالثة،كلية الملك فهد الأمنية،الرياض.
التير،مصطفى عمر(1418)،العنف العائلي،مطبعة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض.
الجحني،علي فايز(1421)،الإرهاب:الفهم المفروض للإرهاب المرفوض،الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
الجحني،علي فايز(1421)،الإعلام الأمني والوقاية من الجريمة،الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
الجندي،أمينة،التطرف بين الشباب:دراسة ميدانية،مجلة المنار،القاهرة، العدد51،مارس1989.
الحازمي،خالد حامد(1421)،أصول التربية الإسلامية،الرياض:دار عالم الكتب.
الحبيب،موسى محمد صالح(1416)،الدور التربوي والتعليمي لاستخدام المنهج غير المنظور للتنشئة الاجتماعية الإسلامية بالمملة العربية السعودية، مجلة جامعة الملك عبدالعزيز لعلوم التربية،المجل9.
الحسن،إحسان محمد(1419)،تأثير الغزو الثقافي على سلوك الشباب العربي، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
الحقيل،سليمان بن عبدالرحمن(1412)،التربية الإسلامية.
الحقيل،سليمان بن عبدالرحمن(1414)،في آفاق التربية الوطنية في المملكة العربية السعودية،ط2،الرياض.
الحيدر،حيدر بن عبدالرحمن(1422)،الأمن الفكري في مواجهة المؤثرات الفكرية، رسالة دكتوراه غير منشورة،أكاديمية الشرطة،جمهورية مصر العربية.
الخطيب،محمد(1408)،أصول التربية الإسلامية،دار الخريجي،الرياض.
الخطيب،محمد(1421)،القدرة وأثرها في التنشئة الاجتماعية،مكتب التربية العربي لدول مجلس التعاون الخليجي،الرياض.
الخريف،رشود بن محمد(1419)،الجريمة في المدن السعودية:دراسة في جغرافية الجريمة،الرياض:مركز أبحاث الجريمة.
الرفاعي،عبدالله بن محمد(1414)،مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة،ط1،الرياض:دار المعراج الدولية للنشر.
الرفاعي،منصور عبيد(1987)،الإسلام وموقفه من العنف والتطرف والإرهاب، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
الزعبي،أحمد محمد(1997)،السلوك العدواني عند الأطفال،مجلة التربية، العدد121، قطر:اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم.
الزهراني،علي بن بخيت(1988)،الانحرافات العقدية والعلمية،مكة المكرمة: دار الرسالة للنشر والتوزيع.
الزهراني،هاشم بن محمد(1425)،بحث((الأمن مسؤولية الجميع)) رؤى مستقبلية ،ندوة المجتمع والأمن الثالثة،كلية الملك فهد الأمنية،الرياض.
السدحان،عبدالله بن ناصر(1424)،كيف تستفيد من الترويح لتحقيق التماسك الأسري،مجلة الأمن،السعودية،العدد57.
السليمان،عبدالسلام بن ىعبدالله(1425)،صلة الغلو في التكفير بالجريمة،رسالة ماجستير غير مطبوعة،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض.
السمالوطي،نبيل(1410)،التفسير الإسلامي للانحراف والسلوك الإجرامي،مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،العدد الثالث،الرياض.
السميح،عبدالمحسن بن محمد(1425)،بحث((الإدارة المدرسية في مواجهة ظاهرة الانحراف))،مجلة الدراسات الأمنية والتدريب العدد37،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،الرياض.
السيف،محمد ابراهيم(1996)،الظاهرة الاجتماعية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي بين التصور الاجتماعي حقائق الاتجاه الإسلامي،الرياض: مطابع العبيكان.
الشدي،عادل بن علي(1425)،بحث((مسؤولية المجتمع عن حماية الأمن الفكري لأفراده))،ندوة المجتمع والأمن الثالثة،كلية الملك فهد الأمنية،الرياض.
الشرقاوي،أنور محمد(1977)،انحراف الأحداث،القاهرة:دار الثقافة للطباعة والنشر.
الصنيع،صالح ابراهيم(1412)،التديُّن علاج الجريمة،الرياض:جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
الطلاع،رضوان ظاهر(1994)،نحو أمن فكري إسلامي،القاهرة: عالم الكتب.
العبيدي،إبراهيم محمد(1411),أثر الأسرة في الوقاية من المخدرات،مجلة الأمن، العدد3.
العقل،ناصر عبدالكريم(1425)،الغلو الأسباب والعلاج،بحث غير منشور، قدم في المؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،الرياض.
العمر،ناصر بن سليمان(1992)،البث المباشر:حقائق وأرقام،الرياض:دارالوطن للنشر.
العوجي،مصطفى(1406)،التربية المدنية كوسيلة للوقاية من الانحراف،الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
العيسوي،عبدالرحمن(1410)،شخصية المجرم ودوافع الجريمة،الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
الفلقي،عبدالعلام عرار ابراهيم(1421)،العلاقة بين السلوك العدواني وبعض المتغيرات الأسرية لدى عينة من طلاب الصفين الثالث المتوسط والثالث الثانوي في محافظة محايل التعليمية،رسالة ماجستير غير منشورة،جامعة أم القرى،مكة المكرمة.
الفيروز آبادي،محمد بن يعقوب(1978)،القاموس المحيط،بيروت.
الفيومي،أحمد بن علي(د.ت)،المصباح المنير،القاهرة:دار المعارف.
القرضاوي،يوسف(1419)،الصحوة الإسلامية بين الجمود والتطرف،بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع.
المجذوب،أحمد علي(1408)،الأمن الفكري والعقائدي:مفاهيمه وخصائصه وكيفية تحقيقه،في كتاب ((نحو إستراتيجية عربية للتدريب في الميادين الأمنية))، الرياض: مطبعة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (ندوة علمية).
اليوسف، عبدالله (1425) دور المدرسة في مقاومة الإرهاب والعنف والتطرف، بحث لدى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (لم ينشر).
اليوسف، عبدالله (1427) الأنساق الاجتماعية ودورها في مقاومة الإرهاب والتطرف، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
مطاوع،ضياء والعمري،عبدالله(1423)،"تقنيات الاتصال والإعلام وآثارها في النشء السعودي ـ دراسة تقويمية"،بحث في مجلة البحوث الأمنية،العدد2،مجلد11.
المطعنى(1978)،أزمة التدين عند الشباب المعاصر:الداء والدواء،دار الأنصار،القاهرة.
المهيري،سعيد عبدالله(1999)،التغيرات الاجتماعية وأثرها على مجتمع الإمارات، مجلة العين الساهرة،السنة الثالثة،العدد السابع،رأس الخيمة.
الميداني عبدالرحمن(1400)،أجنحة المكر الثلاثة،دمشق:دار القلم.
الميداني عبدالرحمن(1398)،مكايد يهودية عبر التاريخ،دمشق دار القلم.
النحوي،عدنان علي(1422)،الانحراف،الرياض:دار النحوي للنشر والتوزيع.
الوادعي،سعيد بن مسفر(1418)،الأمن الفكري الإسلامي،مجلة الأمن والحياة، العدد187،جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي1997م.
بيومي،محمد أحمد(1999)،ظاهرة التطرف:الأسباب والعلاج،الاسكندرية:الفنية للطباعة والنشر.
جابر، سامية محمد (1999)، الانحراف والمجتمع، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1404)، الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، الرياض.
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (2004)، دليل مركز الدراسات والبحوث، الرياض.
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (1414)، دور المواطن في الوقاية من الجريمة، الرياض.
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية،(1425)، جهود الجامعة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، الرياض.
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، (1417)، طرق أحكام الرقابة على وسائل الغزو الفكري والخلفي، الرياض.
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (1419)، الشباب والدور الإعلامي الوقائي، الرياض.
جريدة المسلمون، العدد 637 ، 1417هـ.
حسان، حسان محمد (1410),وسائل مقاومة الغزو الفكري للعالم الإسلامي، جدة: دار الأصفهاني للطباعة.
حسون، تماضر زهري (1415)، جرائم الأحداث الذكور في الوطن العربي، الرياض:جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
حطب، زهير (1983)، الأسرة العربية والجذور التاريخية والاجتماعية لقضاياها المعاصرة، بيروت: معهد الإنماء العربي.
حريري، عبدالله بن محمد (1427) دور التربية الإسلامية في المدرسة الابتدائية في مواجهة ظاهرة الإرهاب، مجلة البحوث الأمنية، العدد 33، المجلد 15، الرياض.
خزاعلة، عبدالعزيز (1419)، أمن الطفل العربي، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
خوج، عبدالله؛ وعبدالسلام، فاروق (1409)، الأسرة العربية ودورها في الوقاية من الجريمة والانحراف، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
زهران، حامد عبدالسلام (1988)، الصحة النفسية والعلاج النفسي، ط4،القاهرة: دار عالم الكتب.
سعيد، عبدالستار فتح الله (1399), الغزو الفكري، مكتبة المعارف: الرياض.
طعيمه، صابر (1403)، أخطار الغزو الفكري، الرياض: مكتبة المعارف.
طه، محمود أحمد (1420), الحماية الجنائية للطفل المجني عليه، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
عبدالله، عادل فتحي (2003)، اخطاء شائعة في التعامل مع المراهقين، دار الإيمان: الإسكندرية.
عبدالمتعال، صلاح (1400)، التغير الاجتماعي والجريمة في المجتمعات العربية، القاهرة: دار غريب للطباعة.
عبود، عبدالغني (1979)، الأسرة المسلمة والأسرة المعاصرة، القاهرة: دار الفكر العربي.
عبيدات، ذوقان؛ وآخرون (1983) البحث العلمي مفهومه وأدواته وأساليبه، عمان، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.
عسيري،الجحني (1427) "الانحراف الفكري وأثره على الأمن الوطني" بحث غير منشور لدى مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
عثمان، إبراهيم ؛ وبرهوم، محمد (1987)، قضايا ومشكلات الشباب العربي في الكويت.
عليان، ربحي مصطفى (1422)، هروب الأطفال والشباب من البيت، مجلة الأمن والحياة، العدد 231.
عمران، عبدالمجيد (1422) التصوير الفيومينولوجي لمعالجة مشكلة الجريمة والانحراف في الدول العربية، بحث في كتاب: البحث العلمي والوقاية من الجريمة والانحراف، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
مطاوع؛ والعمري (1423) تقنيات الاتصال والإعلام وآثارها في النشء السعودي "دراسة تقويمية"، مجلة البحوث الأمنية، العدد 22، المجلد 11، الرياض.
نعمي، سمير أحمد (1996)، ظاهرة العنف والتطرف، منتدى التنمية:
http/www.14masom.com/maktba fkeria/book01/3.htm.
هلال، علي الدين (1994)، العنف والدوافع والأسباب:
http/www.14masom.com/maktba fkeria/book01/3.htm.
وطفة، علي أسعد (1993)، علم الاجتماع التربوي، دمشق: منشورات جامعة دمشق.






المراجع باللغة الانجليزية:
Charles Tripp;(1998).Religious Radicalism in the Greater. Daniel pipes (2002),'Does Poverty Cause Militant Islam?" Capitalism Magazine: January 19.
Edward Graham.(no date).Islamic Extremism & Modern, Egypt: An Analysis of Islamic Extremism & Modern,
Egypt Background History .
Gurr,Ted(1970),Why Men Rebel, Princeton University Press, Princeton New Jersey.
Krishna Kumar(2002).Religious Fundamentalism in India and Beyond.
Mahmud Faksh(1997)."The Future of Islam in the Middle East:Fundamentalism in Egypt,Algeria,and Saudi Arabia".Morozzov Y.,Lutovinov V.(1999).Aggressive Extremism Under Cover of Islam:Adventure Dagestan,its Consequences and Lessons
Muhamad Muslih,(2002)."Causes of Islamic Extremism". Peace Watch: (U.S. Institute of Peace) Vol.VIII,No.4 .
Muhamad Tahir –UI-Qdr9(2001)."Extremism:Causes and Cures" Nation (Pakistan) Decem

البحث للدكتور /علي بن فايز الجحني
أستاذ مشارك بكلية الدراسات العليا
عميد كلية التدريب
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق